دراسة حول الاعلام والسياسة بين مصر والسودان-د.حنان يوسف الاعلام يكرس صور ذهنية سلبية متبادلة بين المصريين والسودانيين-لدراسة اخترقت حاجز المسكوت عنه في العلاقات بين مصر والسودان
د.حنان يوسف الاعلام يكرس صور ذهنية سلبية متبادلة بين المصريين والسودانيين
ا
القاهرة : ديسمبر 2014
اظهرت نتائج دراسة حديثة ان الاعلام في كل من مصر والسودان يؤثر علي طبيعة واتجاه العلاقات الثنائية بين البلدين وانها تشبه حالات بين المد والجزر وتأرجح بندول الساعةيمينا ويسارا وفقا لطبيعة العلاقات بين البلدين ، جاء ذلك وفقا لنتائج الدراسة الاخيرة التي اجريت علي عينة ثنائية من النخبة المصرية والسودانية بوقاع 200 مبحوث من الشخصيات العامة والنخبة في البلدبن تحت عنوان : الاعتماد المتبادل بين الانظمة السياسية للدول ووسائل الاعلام وإثر ذلك علي اتجاهات المعالجات الاعلامية -(العلاقات المصرية السودانية نموذجا)-
وصرحت د.حنان يوسف الباحثة الرئيسية للدراسة والمنسق العام لمبادرة النيل لتنشيط العلاقات المصرية السودانية انه قد تبين من نتائج الدراسة وجود تأثير كبير للعلاقات السياسية بين الدولتين علي مسارات قضايا العلاقات المصرية السودانية وهناك علاقات الاعتماد المتبادل الثنائية بين النظام السياسي والنظام الاتصالي من جهة وتأثيراتها علي تشكيل اتجاهات واعتماد المتلقي عليها من جهة اخري.
واضافت د.اليوسف الي ان هذه الدراسة رغم صعوبتها لانها تعد الاولي من نوعها في هذا المجال نظرا لحساسية موضوعها الا انها قد خرجت بنتائج هامة يمكن ان تؤسس لعلاقة صحية بين البلدين من خلال الاعلام .
فقد تباينت نتائج شطري العينة فيما يتعلق بترتيب القضايا الخلافية في العلاقات المصرية السودانية وان كانت نسبة التباين طفيفة : فبنما جاءت قضية مياه نهر النيل هي القضية الاولي في الاهتمام المصري يليها قضايا الحدود المشتركة وفيما يتعلق بالعينة السودانية جاءت قضية الحدود المشتركة في الترتيب الاول ثم تلاها الحريات الاربع ويمكن تفسير هذه النتيجة في ضوء ترتيب اولويات القضايا المجتمعية لدي شطري العينة حسب الاهمية والتأثير لهذه القضايا فقضية مثل قضية مياه نهر النيل تعد هي القضية المحورية الاولي لمصر بما تواجهه من تهديدات الامن المائي لها في ظل ندرة لمواردها المائية مقابل وفرة في الموارد المائية السودانية الامر الذي لايجعلها قضية اولي لدي الجانب السوداني مقارنة بقضية محورية لديها مثل قضية الحدود المشتركة وحلايب وشلاتين والتي تعتبرها السودان ارضا سودانية وتتنازع عليها مع مصر او قضية الحريات الاربع التي يطالب الجانب السوداني الدولة المصرية بتطبيقها كاملة .
واشارت النتائج الي وجود اتجاه سلبي بين شطري عينة الدراسة نحو المعالجات الاعلامية لطبيعة القضايا المصرية السودانية ليسجل الاتجاه السلبي النسبة الاعلي وتجيب هذه النتيجة علي تساؤل سابق في العلاقة بين الاتجاه ودرجة الاعتماد حيث انه رغم توافر درجات من الاعتماد علي وسائل الاعلام فيما يتعلق بالقضايا المصرية السودانية الان ان هذا لايرتبط بايجابية الاتجاه نحو معالجة هذه الوسائل الاعلامية لقضايا العلاقات بين البلدين وهو ما يتوافق مع عدد من الدراسات السابقة في هذا الاطار .
وتعددت الصور الذهنية التي قدمت في الاعلام في البلدين وقد جاءت اجابات العينة لتضع اطار مسحيا ميدانيا للصور المتبادلة بين الشعبين في وسائل الاعلام تتوافق مع التراث النظري المكتوب عن سلبية الصور النمطية المنطبعة والمستقاة من وسائل الاعلام الثنائية حيث ان الشخصية المصرية الدائم تداولها في الاعلام السوداني بأنها متعالية وساخرة من الشقيق الجنوبي وغير صادقة في تنشيط التكامل بين البلدين ، إلا ان النتائج الايجابية الاخري تعطي املا متزايدا في امكانيات واسعة لإنجاح قضايا العلاقات بين البلدين حيث لوحظ وجود عدد من السمات الايجابية من الممكن ان يتم البناء عليها وخاصة مع ارتفاع نسبة الوصف الخاص بتقدير العلاقة الانسانية والتاريخية بين البلدين واحترامها .
بينما اعطت النتيجة تأكيدا للمعلومات النظرية المتواترة في الادبيات السودانية عن صورة الشخصية السودانية في الاعلام المصري وترويج لنظرة دونية للسودان باعتبارها بوابة خلفية لمصر ، إلا ان ذلك لم يمنع ايضا من حضور قوي لصفة تقدير العلاقة الانسانية واحترامها وهو ما اتفقت عليه شطري عينة (المصرية- السودانية ) مما يمكن ان يساهم في عقد حوار جاد وواضح حول القضايا الجدلية اعتماد علي قاعدة التوافق الوجداني بين شطري وادي النيل
وقد قدم المبحوثون جملة دقيقة من مقترحات تطوير التناول الاعلامي لقضايا العلاقات المصرية السودانية حيث عكست هذه المقترحات مدي وعي واهتمام جمهور النخبة في البلدين بضرورة تعزيز دور الاعلام وفتح حوارات مباشرة وصريحة مع المثقفين والخبراء حول القضايا الجدلية لتجسير الفجوة ، وكذلك زيادة التوازن في المساحات الاعلامية كما وكيفا حول قضايا العلاقات المشتركة ، وهو كان احد المثالب الرئيسية التي سجلها بصفة خاصة الشطر السوداني من العينة في ان هناك عدم توازن في تدفق المعلومات كما وكيفا بين مصر والسودان ، فالمعلومات الواردة من مصر للسودان اكبر كما وكيفا عن نظريتها الواردة من الجنوب للشمال وهو الامر الذي من شانه ان يعرقل مساحات التفاهم والحوار الحتمية لتعزيز مسارات العلاقات المصرية السودانية .
وتوصلت الدراسة الي ضرورة تبني استراتيجية إعلامية لخطاب قضايا العلاقات المصرية السودانية في البلدين تقوم علي مرتكزات اساسية اهمها منطلقات قيمية وأخلاقية وحضارية، باعتبار أن السودان ومصر هما نسيج حضاري عربي وأفريقي ولتدعيم هذا النسيج لابد أن يكون منطلقه هو النهوض – عبر الاعلام – لتنمية القارة الأفريقية سياسياً وثقافياً واجتماعياً.